عدد من الأهالي يروون لـ «عكاظ» معاناتهم على طريق المدينة ــ المهد. (تصوير: عبدالمجيد الدويني)
عدد من الأهالي يروون لـ «عكاظ» معاناتهم على طريق المدينة ــ المهد. (تصوير: عبدالمجيد الدويني)




الإبل السائبة تنتشر على الطريق.
الإبل السائبة تنتشر على الطريق.
-A +A
سلطان الميموني (المدينة المنورة) almemone3@
لم ينسَ ناصر الخالد شقيقه الأصغر رشيد الذي لقي ربه في حادثة سير على طريق المدينة ــ مهد الذهب (قريظة) قبل نحو 7 أعوام، وهو متجه إلى عمله.

وسرد الخالد تفاصيل ذلك الموقف المؤلم قائلا: «تلقيت نبأ وفاته من أحد الزملاء، وأصبت في بادئ الأمر بصدمة، وحين أفقت منها، احترت كيف أخبر والديَّ بالخبر الصادم، إلا أن عمي أخبرهما، فسقطت والدتي مغشيا عليها».


وأوضح أنه لا ينسى حين نقلوا نعش شقيقه إلى المنزل لتلقي عليه والدته وشقيقاته النظرة الأخيرة، مشيرا إلى أن تلك الأحداث القاسية لا تبارح مخيلته.

وأضاف: «كان رشيد شاباً طموحا مقبلاً على الحياة، إلا أن الموت اختطفه وهو في مقتبل العمر، ونحن لا نعترض على قضاء الله وقدره، لكن للأسف كان لطريق المدينة ــ المهد دور كبير في تلك الحادثة، نظرا لضيقه وتهالكه وانتشار المنحنيات الخطرة عليه، فضلا عن افتقاده لوسائل السلامة»، مبيناً أن الطريق الضيق تسبب في ارتطام سيارة بمركبة أخيه وجهاً لوجهٍ ما أدى إلى وفاته في الحال، مشددا على ضرورة وضع حد للنزيف الدموي الذي يسيل عليه بكثافة، بتنفيذ مشروع ازدواجيته وتوسعته وضبط المتهورين بنصب كاميرات ساهر عليه.

ولم يكن الخالد الوحيد الذي نبه إلى خطورة الطريق وشكا من الوفيات التي تتزايد عليه بكثافة، فكثير من الأهالي أبدوا مخاوفهم منه، مطالبين بتدارك الوضع عليه، منهم عبدالرحمن ثاري الذي حذر من الأخطار المحدقة بعابري طريق المدينة ــ المهد، مشيراً إلى أنه لا يكاد يمر أسبوع إلا ويشهد دماءً ووفيات إثر حادثة قاتلة، فأصبح الطريق يشكل رعباً للأهالي ويتفادون السير عليه قدر الإمكان، مضيفا: «الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود».

وأرجع ثاري الدماء التي تراق على الطريق بغزارة إلى المنحنيات الخطرة التي تنتشر عليه بكثافة، وافتقاده إلى اشتراطات وتصاميم الطرق الحديثة، مع غياب وسائل السلامة المرورية وخدمات أمن الطرق منه. وأوضح عبدالهادي المشرافي أن مطالبهم لوزارة النقل تتمثل في إنهاء خطر طريق المدينة ــ المهد طيلة هذه السنوات لم تجدِ نفعا، مشيرا إلى أن الطريق الذي يمتد لـ170 كيلومترا، بحاجة إلى التوسعة وإنشاء مركز لأمن الطرق، ووسائل السلامة.

واستدرك بالقول: «لكن للأسف مطالبنا لم تجد التجاوب من وزارة النقل فاستمر الموت، وتزايدت الحفر والأخاديد فيه بتلف الطبقات الأسفلتية، وانتشرت المنحنيات الخطرة»، مشيرا إلى أنهم لا يعرفون متى يحين موعد تحويل الطريق ليصبح آمناً.

وأشار منور المشرافي إلى أنه يعيش حالة من الرعب اليومي أثناء سيره على الطريق متوجهاً إلى عمله، بسبب ضيقه وكثرة منعطفاته وتكسر طبقته الأسفلتية، وحتى عبارة السيول التي يعبر من فوقها تحطمت وظهر حديدها، مبيناً أن تهور بعض السائقين الذين لا يجدون من يردعهم وكثرة الإبل السائبة وغياب الصيانة، يفاقم الأخطار على الطريق. ووصف بندر المطيري الطريق بـ «المقصلة» التي أريقت عليها دماء غزيرة، مبينا أن الحوادث حصدت عليه كثيراً من الأرواح، لافتقاده للوحات إرشادية ووسائل السلامة، فضلا عن ضيقه وتهالكه.

الأمانة: اضبطوا المتهورين بـ«ساهر»

أكد مدير العلاقات العامة والإعلام بأمانة منطقة المدينة المنورة خالد بن متعب لـ«عكاظ» أنه سبق أن نفذت الأمانة أعمال توسعة لطريق المدينة ــ المهد، من عرض ٧ أمتار إلى 11 مترا، بطول 68 كيلومترا إيمانا منها بأهميته، وشملت السفلتة والطلاء والعبارات الخرسانية والأنبوبية، لافتا إلى أن الأمانة تنفذ أعمال الصيانة الدورية للطريق.

واعتبر متعب السرعة الزائدة سبباً رئيساً للحوادث على الطريق، مطالباً بوضع كاميرات ساهر، لكبح جماح المتهورين، مشيراً إلى أنه من الطرق الرابطة وازدواجيته مدرجة ضمن أولويات الإدارة العامة للنقل بالمنطقة.

الهلال الأحمر: تزايد الوفيات على الطريق

أوضح متحدث هيئة الهلال الأحمر بمنطقة المدينة المنورة خالد السهلي لـ«عكاظ» أن مركز إسعاف الضميرية الذي يقع في منتصف طريق قريظة (100 كيلومتر) باشر في الفترة من (1 /‏‏‏‏‏1 /‏‏‏‏‏1438) وحتى (1 /‏‏‏‏‏4 /‏‏‏‏‏1439) 64 حالة، وهي كالتالي 46 حادثة تصادم نتج عنها 51 حالة، نقلت 30 منها ولم ينقل 21 بسبب الوفاة أو إصابات بسيطة عولجت في الموقع.

وبين السهلي أن حوادث الانقلاب بلغت 17، نقل منها 11 حالة ولم تنقل 6 حالات بسبب الوفاة، أو إصابات بسيطة عولجت في الموقع، إضافة إلى حالة دهس واحدة نقلت فوراً.

مرور المدينة: السرعة وراء الحوادث

عزا مدير مرور منطقة المدينة المنورة العقيد الدكتور صلاح بن سمار الجابري في حديثه لـ «عكاظ»، خطورة طريق «قُريظة» (المدينة ــ مهد الذهب) إلى افتقاده لاشتراطات السلامة المرورية، لافتاً إلى أنه يحتاج إلى عناية كبيرة من ناحية اللوحات الإرشادية والتحذيرية وزيادة في عرض المسارات من خلال عمل «أكتاف» للطريق، كما أنه يحتاج إلى صيانة دورية، مؤكداً أنه سبق أن خاطب جهة الاختصاص بذلك. وأرجع الجابري كثرة الحوادث المرورية التي تقع على الطريق إلى أسباب عدة، منها عدم وجود أكتاف في بعض أجزائه، فضلاً عن أن بعض قائدي المركبات يسيرون عليه بسرعات عالية ويعرضون أنفسهم والآخرين للخطر، إضافة إلى انتشار المنعطفات والمنخفضات والمرتفعات في الطريق، وتزايد أعداد الإبل السائبة على جنباته، وعدم وجود سياج حديدي حامٍ على «كباري» السيول والمناطق المرتفعة فيه. وأوضح الجابري أن الحوادث تكثر على الطريق، خصوصا أيام الإجازات وفي أوقات الدوام الرسمي؛ وذلك بسبب كثافة السير العالية عليه، لافتاً إلى أن الطريق حيوي ومختصر، راجياً أن يجد الاهتمام الكافي من الجهات ذات العلاقة ليخدم الأعداد المتزايدة التي ترتاده يومياً.